«كأني ماكل طريحة» (كأنه تعرّض لضرب مبرح طرحه أرضا)
وعندما يقع اعتماد تشبيه ما لتعريف شيء مجهول (حالة الألم في هذه الحالة courbature ) فإنما القصد منها جعل المستمع يتخيل بالضبط حالة المتكلم (المريض في حالتنا هذه ) ويكاد يعايشها ، وربما استدعى ذلك تعاطفاsympathie مع صاحبها بحسب الحالة والسياق.
ولكن عملية التشبيه تفترض ابتداء اشتراكا بين المتكلم والمستمع في معرفة المشبه به، حتى يتسنى للمتلقي معرفة شبيهه،،، وإذا ما استحضرنا هذه البديهية في عملية التشبيه، أدركنا كم عانى الإنسان التونسي من مختلف الفئات والطبقات من التعنيف والضرب المبرح حتى صارت «الطريحة و الطرايح (جمع) » قاسما مشتركا بين التونسيين، بدء من الوسط العائلي، وصولا إلى تعنيف من طرف مختلف الأدوات القمعية داخل المجتمع،،
فهل سيأتي يوم على التونسيين يكون فيه من القواسم المشتركة بينهم الأمن من الخوف والطعام المتكامل لكل فم، والتآلف الذي لا يترك مكانا للاستهانة بالكرامة الإنسانية، ولا للتعدي على الحرمة الجسدية، ولا لسفك العرق الشريف، أو مصادرة لقمة العيش؟؟؟ !!!.
وتتردد في الأرجاء وصية الخليفة الراشد الأول لعماله : «لا تضربوا أبشار الناس فتذلوهم، ولا تجوعوهم فتكفروهم».
فهل سنشهد بأم أعيننا اليوم الذي تكون فيه هذه الأمور وأمثالها موضوع تشبيه بينهم؟
لكم الله يا أهالي تونس
الله القائل في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم محرما فلا تظالموا» مسلم –والبخاري في الرقاق(6419)
وهل يمكن أن يكون لكم التوفيق الإلهي في نجح مقاصدكم وبلوغ مآربكم بدون الكدح وفق سنن الله في هذا المجال، والتي عبر عنها الرسول الكريم –ص- بقوله: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم» رواه الترمذي (2169) و قال حديث حسن وأحمد (5/388-389) .
وهذا الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه يخاطب من وراء القرون المستسلمين للعجز وبطلان النفس ، والمتذرعين بأفهام خاطئة لبعض نصوص الوحي مثل قوله تعالى «يا أيها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم »المائدة 105 إذ يقول : «إني سمعت رسول الله –ص- يقول : إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا بيديه أوشكوا أن يعمهم الله بعقاب منه » أبو داود (4338) الترمذي (2168) ابن ماجة (4005) بأسانيد صحيحة .
فذلك من الهداية .
هذه ومضة يمكن أن تساعد على فهم الواقع واستشراف آفاق تطوره من خلال مدخل لغوي نفسي اجتماعي... فالتعابير الدارجة موغلة في الدلالة.
فهل هناك من يفهم؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق